الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد ..
فهذه بعض الأخطاء اللفظية في الدعاء التي يخطئ فيها كثير من الناس أحببنا التنبيه عليها للأهمية ..
أولا : قول " الله لا يضرك " .و
هذا القول لا يجوز أن يطلق في حق الله تعالى ، فالله تعالى لا يضر أحدا ، إنما الإنسان هو من يضر نفسه بمعصيته لربه ، وبتعديه على الناس فيجر الضرر إلى نفسه بهذا ..
وإن قال قائل : أن من أسماء الله تعالى الضار ؟ قلنا : النوع هذا من الأسماء لا يُذكر إلا مقرونا ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وكذلك الأسماء التي فيها ذكر ، لا تذكر الشر إلا مقرونة ، كقولنا " الضار النافع ، المعطي المانع ، المعز المذل " أو مقيّدة كقوله : ( إنا من المجرمين منتقمون ) ا.هـ [ الحسنة والسيئة : 43 ] .
ثانيا : قول " اللهم اغفر لي إن شئت " أو " الله يشافيك إن شاء الله "
وهذا خطأ ، فإنه ورد النهي عن النبي صلى الله عليه وسلم بالإستثناء في الدعاء ، حيث قال لرجل سمعه يدعو يقول : اللهم اغفر لي إن شئت ، فقال : " لا يقل أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت. ليعزم المسألة؛ فإن الله لا مُكرِهَ له " رواه البخاري ، ولمسلم : " وليعظم الرغبة ، فإن الله لا يتعاظمه شيئ أعطاه " .
يقول العلامة عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله : بخلاف العبد فإنه يعطي السائل مسألته لحاجته إليه أو لخوفه أو رجائه فيعطيه مسألته وهو كاره ، فاللائق بالسائل للمخلوق أن يُعلق حصول مسألته على مشيئة المسؤول مخافة ان يُعطيه وهو كاره بخلاف ربّ العالمين فإنه يُعطي عبده ما أراده بفضله وكرمه وإحسانه ، فالأدب مع الله أن لا يُعلق مسألته لربه بشيئ لسعة فضله وإحسانه وجوده وكرمه وفي الحديث : " ليعزم المسألة " وفي الحديث " يمين الله ملأى لا يَغيضها نفقة سحّاء الليل والنهار " ا.هـ [ قرة عيون الموحدين : 231 ، 232 ] .
ويقول القرطبي رحمه الله : إنما نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذا القول لأنه يدل على فتور الرغبة وقلة الإهتمام بالمطلوب ، وكأنّ هذا القول يتضمن أن هذا المطلوب إن حصل وإلا استغنى عنه ، ومن كان هذا حاله لم يتحقق من حاله الإفتقار والإضطرار الذي هو روح عبادة الدعاء ، وكان ذلك دليلا على قلة معرفته بذنوبه وبرحمة ربه ، وأيضا فإنه لا يكون موقنا بالإجابة وقد قال عليه الصلاة والسلام " ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل " ...
وقال في قوله " وليعزم المسألة ": أي ليجزم في طلبته ويحقق رغبته ، ويتيقن إجابته ، فإنه إذا فعل ذلك دلّ على علمه بعظيم ما يطلب من المغفرة والرحمة ، وعلى أنه مفتقر إلى ما يطلب ، مضطر إليه ، وقد وعد الله المضطر بالإجابة بقوله : ( أمّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ) ا.هـ [ تيسير العزيز الحميد : 437 ، 438 ] .
وقد قال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب : فيه النهي عن الإستثناء في الدعاء ا.هـ
ثالثا : قول " الله يقرفك " .
فالقرف : هو الوساخة والقذارة ، فهذا لا يطلق في حق الله تعالى ، فالله منزه عن القذارات ، فهو كريم الصفات حسن الأسماء ، ودعاء الله بأن يُقرف فلانا هو من سوء الأدب مع الله ، وعلى المرء أن يُحسن الأدب مع ربه في الدعاء